تكتب كلير باركر وهبة فاروق محفوظ أنّ القاهرة استعادت لحظة دبلوماسية لافتة بعدما استضافت مفاوضات شرم الشيخ التي قادت إلى وقف إطلاق النار في غزة. العلاقات التي تربط مصر بإسرائيل منذ عقود، إضافة إلى قربها الجغرافي واختراقها الاستخباراتي لغزة، جعلت القاهرة في قلب السعي إلى تهدئة طويلة المدى. وعندما بدا الهدوء مهددًا، زار رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد إسرائيل واجتمع بنتنياهو، خطوة نادرة تعكس حجم الدور الذي تحاول القاهرة ترسيخه رغم ما يعيشه المصريون في الداخل من تضييق سياسي ومناخ قمعي يضعف ثقتهم في مؤسسات الحكم.
تشير الصحيفة في فقرتها الثانية إلى أنّ المصدر هو واشنطن بوست، موضحة أنّ نجاح قمة شرم الشيخ منح مصر دفعة معنوية، لكنّ عودتها كقوة إقليمية ما تزال غير مكتملة. الدور المقبل يعتمد على قدرة القاهرة على تثبيت وقف النار، وتحديد شكل الحكم الأمني والإداري في غزة خلال المرحلة الانتقالية.
تستدعي الصحيفة ذاكرة الخمسينيات والسبعينيات حين قادت مصر الإقليم سياسيًا وثقافيًا، قبل أن تصعد دول الخليج بثرواتها النفطية وتستقطب ثقة الحكومات الغربية والمستثمرين. ومع تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية داخل مصر خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، تراجع نفوذها الإقليمي إلى أن دفعتها حرب غزة مجددًا إلى الواجهة. تدفق المساعدات الإنسانية عبر سيناء ثبت موقعها على طاولة الوساطة، كما أكّد مسؤولون مصريون أنّ القاهرة تحتفظ بعلاقات قوية مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية والفصائل كافة، بينما تبقي أبوابها مفتوحة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
يعرض التقرير رؤية السيسي القائلة بأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل تشكّل الحل الوحيد الممكن. ويكشف كيف رفضت مصر خطة ترامب التي اقترحت تحويل غزة إلى مشروع أمريكي الطابع مع إزاحة الفلسطينيين، ونجحت في حشد دعم عربي لخطة بديلة أقنعت واشنطن في النهاية. ويقارَن بين المبادرة المصرية وخطة ترامب الأخيرة ذات النقاط العشرين، مع إبراز أنّ القاهرة رفضت فكرة “مجلس السلام” الذي أراده ترامب تحت قيادته.
يرى محللون أنّ حكومة السيسي “تنال ما تريد” في غزة، وأنّ نجاح مسار شرم الشيخ سيجعلها دولة لا غنى عنها. هذا النفوذ يكتسب أهمية إضافية لاقتصاد يعتمد على الدعم الخارجي، بينما يعاني المواطنون من غلاء خانق وركود طويل، ومع ذلك تراهن الدولة على الدبلوماسية الإقليمية لتعويض ضعف الجبهة الداخلية.
يوضح التقرير أنّ قطر وتركيا لعبتا دورًا موازيًا في تثبيت اتفاق وقف النار، مستفيدتين من صلاتهما بقيادات حماس في الخارج. علاقة مصر بحماس أكثر برودة، إذ يقلق القاهرة الطابع الإسلامي للحركة، لكنها تستثمر بكثافة في شبكات استخبارات داخل غزة تسمح لها بالتواصل المباشر مع المجاهدين. هذه القدرة مكّنتها من احتواء انتهاكات مبكرة للهدنة بعدما أقنعت مقاتلي حماس بالتوقف عن تصفية خصومهم.
يذكر التقرير دور وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الذي يتواصل مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين وعربًا ومسلمين لتأسيس قوة دولية لاستقرار غزة وترتيب المرحلة الانتقالية. وتصرّ القاهرة على أن تكون السلطة الفلسطينية هي من يتسلم إدارة القطاع لاحقًا، خطوة تعتبرها جوهرية في مسار الدولة الفلسطينية. لهذا السبب تستضيف مصر حوارات بين الفصائل الفلسطينية منذ أسابيع.
يمتد نفوذ القاهرة — بحسب التقرير — إلى ساحات أخرى، خصوصًا السودان الذي يغرق في حرب أهلية قاسية. وتصف واشنطن الدور المصري هناك بأنه محوري. كما تتدخل مصر لتخفيف التوتر بين إسرائيل وحزب الله، وأرسلت رئيس مخابراتها إلى بيروت لعقد لقاءات مع قيادات لبنانية، معتمدة على قنوات خلفية قديمة مع الحزب.
يختتم التقرير بأنّ القاهرة تريد دورًا أوسع في منطقة تتغير بسرعة، مستندة إلى خبرتها في غزة لتقديم مقترحات للحفاظ على الهدوء في لبنان. وبينما يتحرك الملف الإقليمي بوتيرة سريعة، يواجه المصريون يوميًا واقعًا داخليًا ضاغطًا، لكنّ الدولة تراهن على هذه اللحظة الدبلوماسية لتعويض ما فقدته من نفوذ.
https://www.washingtonpost.com/world/2025/11/07/egypt-diplomacy-abdelatty-gaza-ceasefire/

